اصنامُ السلطة وعدالة العالم

بقلم: مارون مسلّم

لا الحزن انتهى ولا الغضب بلغ مداه ولا العدالة تحققت!

عامٌ على جريمة تفجير مرفأ بيروت وتداعيات هذه الجريمة ما زالت تحفِرُ في وجدان اللبنانيين وفي يوميات حياتهم وكذلك في احتمالات مستقبلهم.

عام والسلطة الحاكمة تراوغ للهروب من مسؤولياتها المعنوية والوظيفية والامنية والعسكرية. فقد اعتادت هذه السلطة لسنوات طويلة خَلَتْ ان تحاسِب ولا تُحاسَب….

لم تشهد ساحات بيروت مثل ذلك الدفق الشعبي منذ عام ٢٠٠٥. مواطنون موجوعون من مختلف المناطق ساروا لساعات تحت حرّ شمس آب الحارقة رافعين مطلباً موحداً في الذكرى السنوية الاولى لنكبة بيروت: الحقيقه اولاً.

صرخات الألم والحسرة على من استشهد في ذلك اليوم المشؤوم كانت وحدها حاضرة وسط الجموع. اغتيال عاصمة وفاجعة وطن هي مشاعر حقيقية وصادقة عبّر عنها المشاركون في واحدٍ من اضخم التجمعات البشرية التي عرفها لبنان.

وفيما صرخات المواطنين تتعالى، كان مؤتمر باريس الذي ترأسته فرنسا مع الامم المتحده بمشاركة ٣٣ دولة و١٣ منظمة دولية وممثلين عن المجتمع المدني، يعيد التذكير بصورتين في مشهد سوريالي وتراجيدي معاً: قادة العالم يقدمون مساعدات انسانية للبنانيين من خارج مؤسسات السلطة الفاسدة والسارقة والناهبة، ويطالبون «الطبقة السياسية التي ساهمت في تعميق الازمة» بإيجاد الحلول الناجعة لها، حسب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون و«القادة اللبنانيون» مع تحفظي الدائم لكلمة قادة اذ أَصِفُهم دوماً بـ«القواد»  الذين دعاهم الرئيس الاميركي جو بايدن الى «اجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد وتأليف حكومة» يتبارون في دفع لبنان واللبنانيين الى قمة البؤس السياسي والاذلال الاقتصادي. والمبلغ الذي جمعه مؤتمر باريس ٣٧٠ مليون دولار أميركي اقل بكثير ممّا نهبه «قواد» واحد في المافيا السياسية والمالية المتسلطة.

صندوق النقد الدولي، وبعدما أجاز للبنان سحب مبلغ ٨٦٠ مليون دولار أميركي وفق حقوق السحب الخاصة بالدول الاعضاء، لخصّت مديرته العامة كريستالينا جورجييفا خارطة الطريق لحل الازمة الاقتصادية كالآتي:

«أولاً، الـمـعـالـجـة الـمـبـاشرة للمشكلة الجوهرية المتعلقة بضعف الحوكمة، من خلال تعزيز مكافحة الفساد وتحسين أداء وظائف الدولة، ولا سيما إدارة الشركات الـمـمـلـوكـة مـنـها، وأود التركيز هنا على قطاع الطاقة باعتباره أهم مجال للتحرك، واستكمال تدقيق حسابات مصرف لبنان والشركة المعنية بتقديم إمدادات الكهرباء.

ثانياً، تنفيذ استراتيجية للمالية العامة تجمع بين إعادة الهيكلة العميقة للدين وإجراء إصلاحات لاستعادة صدقية البلاد، مع الاهتمام بالإنفاق الاجتماعي كجزء من هذه الاستراتيجية.

ثالثاً، إجـراء عملية إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي، والاعـتـراف مقدماً بخسائر البنوك الخاصة ومصرف لبنان، ولكن على نحو يوفر الحماية لصغار المودعين.

رابعاً، الحاجة إلى نظام موثوق به للنقد والـصـرف، يـرتـكـز عـلـى تـوحـيـد أسـعـار الصرف».

ومما قالته جورجييفا: «كنا موجودين للحوار مع السلطات اللبنانية على مدار العام الماضي، ولـكـن سـأكـون بـالـغـة الـصـراحـة: فالتواصل كان يخضع لقيود شديدة بسبب عدم وجود حكومة عاملة. ولذلك، أود مرة أخـرى حث الزعماء السياسيين في لبنان على الـتـوافـق حـول حكومة جديدة تملك الإرادة والصلاحيات لتنفيذ الإصلاحات».

دماءٌ ودموعٌ كثيرة سالت في لبنان وأرواحٌ أُزهقت وثروات هُدرت… وصَنَمٌ من أَصنام السلطة لم يهتزّ… فإلى متى الانتظار؟!

 

 

 

Comments are closed.