ألكسندر ماطوسيان

خطة هادفة لتطور القطاع ودعمه

غالباً ما نصل في مسيرة الألف ميل الى مفترق طرق، يحتّم علينا إما الرجوع الى الوراء ومحو كل ما انجزنا وإما التحدي والتقدّم وتكليل المسيرة بالنجاح. اضطر لبنان عقب الأزمات المتتالية التي عصفت به الى الوقوف عند ذلك المفترق، ولكن رغم التحديات، أشاد السيد ألكسندر ماطوسيان، رئيس مجلس إدارة شركة المشرق للتأمين والنائب السابق ، بقدرة قطاع التأمين على الصمود في ظل غياب الدولة التام وفي ظل السياسات وآليات التسعير الكثيرة التي فرضت نفسها على شركات التأمين. مع ذلك، دعا وزارة الاقتصاد والتجارة الى التعاون وشركات التأمين لا سيما المتعثرة منها، على ايجاد العلاجات. كما أكّد على ضرورة إدخال شركات التأمين اللبنانية في عمليات تأمينات شركة طيران الشرق الأوسط بما يصب في مصلحة العملاء والقطاع والشركات معاً. أما عن شركة المشرق للتأمين، فهي كانت ولا تزال وستسعى دوماً للالتزام بالمصداقية والشفافية والولاء لعملائها.

يستمر قطاع التأمين اللبناني في العمل وتحقيق نسبة نموٍ ولو ضئيلة رغم كل التحديات الاقتصادية التي يمر بها لبنان. ما السرّ وراء هذه الاستمرارية؟

السر الكبير الكامن وراء هذا الصمود هو غياب الدولة وهيئاتها بما فيها الضمان الاجتماعي والوزارات التي بالكاد تساند نفسها بنفسها ولا سيما وزارة الصحة. الأمر الذي دفع المواطنين للّجوء الى شركات التأمين لتغطية أنفسهم من المخاطر تزامناً مع زيادة التوعية نحو أهمية شركات التأمين في ظل الأزمات المتتالية التي تعصف بلبنان. التأمين الصحي كان وسيبقى الأولوية لدى المواطنين الذين يولون الأهمية الكبرى لصحتهم ثم بعد ذلك للممتلكات بما فيها السيارات والمنازل والعمل، إذ يتعذّر على من فقد إحدى هذه الممتلكات في أوضاعنا الراهنة، شراء ما هو بديل.

تم تداول موضوع تغطية الأضرار المادية الى جانب الأضرار الجسدية في قطاع تأمين السيارات. أهناك أي جديدٍ في هذا الاطار؟

تم العمل على قانون دمج الأضرار الجسدية بالأضرار المادية منذ زمنٍ طويل قد يصل الى عشر سنوات، وكان هناك سعي في سبيل إصدار وثيقة التأمين المزدوجة التي تشمل هذه الأضرار سوياً. لكن هذه الخطوة لطالما اصطدمت بالتجميد عقب الأوضاع الاقتصادية التي لا تنفكّ عن التأزم والتكاثر والتي تخلّف أزماتٍ متعاقبة تعيق اتخاذ أي قرارٍ جدي. لكن باعتقادي أنّ هذه الوثيقة ستُبصر النور ولن تبقى مجرّد فكرة، ولكن من المفترض على كل المواطنين اللبنانيين الذين يمتلكون السيارات دون استثناء شراء هذه البوليصة.

تجدر الاشارة الى أنّ هذا النوع من البوالص، مدرج في قانون السير، وبالتالي يمكن محاسبة المواطن الذي لا يمتلك هذه الوثيقة إن تم تطبيق هذا القانون بحذافيره.

*طُرح موضوع تأمينات شركة طيران الشرق الأوسط على الطاولة مؤخراً. أتظنون أنه باستطاعة شركات التأمين اللبنانية استلام مهمّة هذه التأمينات إن تم إنشاء مجمع خاص وإعادة التأمين عليها في الخارج؟

ليس من الصعب استلام هذه التأمينات ولكن من الصعب إنشاء مجمّعٍ تأميني خاص بها. فمبدأ التأمين بنظري واحد وإن اختلفت طبيعة المخاطر المؤمّنة وحجمها. فحتى شركات الطيران في الدول العربية مثلاً تسير في نهج توزيع المخاطر بين عدة شركات تأمين. كان من المفترض الالتزام بشركات التأمين اللبنانية لتغطية مخاطر شركة طيران الشرق الأوسط لو أنّ هذه الشركة كانت مملوكة من الدولة وليس من القطاع الخاص. وبالتالي لا يمكن للدولة الفرض على شركة الطيران الالتزام بشركات التأمين اللبنانية. يمكن لنا إنشاء هذا المجمّع الخاص الذي يضمّ كل شركات التأمين على أن يحصل على تغطياتٍ خارجية نظراً لعدم قدرة شركات التأمين بأجمعها تغطية أخطار شركة طيران الشرق الأوسط، وهذا أمر بديهي. لن يصعب على معيد التأمين الخارجي تغطية أخطار شركة الطيران التي تُعدّ صغيرة نسبةً لباقي شركات الطيران الكبرى.

لم يكن لدينا اطلاع على مضمون وثائق تأمينات شركة الطيران ولذلك لم نتقدّم بأية عروضِ في هذا المجال. كان من واجب وزارة الاقتصاد والتجارة عرض هذا الموضوع على كافة شركات التأمين في لبنان دون استثناء.

باختصار، استلام الشركات اللبنانية لتأمينات شركة الطيران، مشروع يدرّ بالفائدة لقطاع التأمين اللبناني ولشركة الطيران التي ستجد مرجعية لها من بلدها المنشأ.

اتّجهت شركات التأمين جراء الوضع الراهن نحو إصدار منتجاتٍ جديدة متعاطفة مع القدرة الشرائية للمواطنين لا سيما لناحية الصحة. اين أنتم اليوم كشركة من هذه المنتجات والخطوات؟

انهيار العملة الوطنية الذي شهده لبنان والمصحوب بالتدهور الاقتصادي، أدّى الى تشابكاتٍ كثيرة والى آليات تسعير عديدة غير مألوفة. كانت تجربة فريدة من نوعها للشركات والمواطنين معاً، نتج عنها انحسار القدرة الشرائية ورواتب الأفراد. لذا كان لا بد لنا من اخذ كل هذه العوامل بعين الاعتبار لا سيما لناحية عملائنا، وبالتالي أعدنا دراسة الأسعار مجدداً وأقمنا عدة مناقشاتٍ مع المسؤولين في المستشفيات في هذا الاطار. فهدفنا يرتكز على عدم إلحاق الضرر لا بالمؤمّن له ولا بالقطاع أو شركاته. نتيجةً لذلك، قمنا بتخفيض أسعار الوثائق لمواكبة مجريات السوق وقدرات المواطنين.

ماذا عن مساعي وزارة الاقتصاد والتجارة في تحسين وضع قطاع التأمين اللبناني؟

المساعي الايجابية الرامية الى تحسين وضع القطاع، من المفترض أن تتبلور عبر تشاور وزير الاقتصاد والتجارة مع شركات التأمين ووضع خطة هادفة الى التطوير والتحسين. ومن باب الحفاظ على القطاع وسمعته ومصداقيته، ندعو الوزير للوقوف الى جانب الشركات المتعثّرة أو المخطئة دون أي تحدٍ، لإيجاد حلولٍ مجدية. هذه الحلول من المفترض الاّ تكون تعجيزية وأن تكون أقرب الى المنطق والايجابية.

نحن نناشد دوماً التعاون مع الهيئات العامة للتمكّن من تحسين أداء كل الشركات والوزارة أيضاً. لا يمكن غض النظر عن المواقف الجبارة التي اتّخذتها شركات التأمين في ظل غياب الدولة لا سيما لناحية انفجار المرفأ الذي كان يحق لنا كشركات عدم دفع الاضرار إلاّ بموجب التقرير المنتظر، ولكننا قمنا بأكثر من واجبنا ووقفنا الى جانب عملائنا للمحافظة على ثقتهم بالقطاع وبنا بعد أن فُقدت هذه الثقة بغالبية القطاعات الأخرى وخاصةً قطاع المصارف.

كما أنه من صالح هذه الوزارة تبيان مدى اهتمامها بشركات التأمين الموصاة عليها وبمساندتها لضمان استمراريتها. يمكنني في هذا الاطار، أن أنصح وزير الاقتصاد من التقرّب شخصياً من شركات التأمين والبحث في كيفية معالجة الشركات المتعثّرة ودعم ومتابعة الشركات الصلبة، والتأكّد من صحة وكمالية كافة المعلومات التي تصله الى الهيئة، والاستماع الى مطالب شركات التأمين والتحكيم بشكلٍ عادل وسليم.

ما هي أبرز انجازات الشركة للعام ٢٠٢٣؟

حققت الشركة في هذا العام نمواً طبيعياً، ولا شك أن أسعار الصرف وآليات التسعير التي فُرضت خلال هذه السنة أثّرت كثيراً على أرقام تقاريرنا المالية التي لا تعكس الواقع الحقيقي. لذلك يجب النظر بشكلٍ أساسي الى عدد الوثائق الصادرة أكثر من الأرقام المحققة البعيدة عن الصحة لما شابها من تغيرات في سعر الصرف.

أعمدة شركتنا صلبة جداً مما يتيح لنا الاستمرار دون توقّف، وقد تمكنّا من تغطية كل العملاء الذين يدخلون المستشفى ودفع كل مطالبات انفجار المرفأ الذي أظهر لنا العدد الهائل من المواطنين غير المؤمّنين، وأظهر للعملاء أيضاً حجم الأموال التي تدفعها شركات التأمين للمستشفيات عند وقوع الحوادث والتي تضاهي أضعاف ما تتقاضى. نتيجةً لهذه المصداقية والشفافية التي نتمتّع بها، قد تكون شركتنا من الشركات القلائل إن لم تكن الوحيدة التي لم تتعرّض لأي شكوى قانونية. نحن نواظب دوماً على التقدّم نحو الأمام وتحسين منتجاتنا وخدماتنا بما يبقينا على قدرٍ من الثقة والإقبال.

يجب التنويه الى أن قطاع التأمين اللبناني لا يزال يفتقر الى الوعي والأهمية اللازمة. ولكن بعد سلسلة الأزمات التي مر بها المواطنون خلال هذه الفترة العصيبة، تهافت عدد كبير منهم لشراء التأمين الذي يقيهم شر الخسائر الكبيرة التي يمكن أن يتعرضوا لها عند وقوع الحوادث او دخول المستشفيات. وقد برزت بالتالي هنا أهمية التأمين وسمعته الحسنة.

 

 

 

 

 

 

 

 

Comments are closed.