عون يُرجع قانون تعديل السرية المصرفية إلى البرلمان
وقّع رئيس الجمهورية ميشال عون المرسوم الرقم 10016 القاضي باعادة القانون المتعلق بالسرية المصرفية إلى مجلس النواب طالباً إعادة النظر فيه.
وبحسب رئاسة الجمهورية، فمن أسباب طلب اعادة النظر أن ظروف الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان تقضي، لتأمين نجاح التعافـي بالرجوع بتاريخ بدء تطبيقق أحكام القانون موضوع طلب اعادة النظر لفترة تغطي على الأقل المدى الزمني المسبب للأزمة.
إلى ذلك، طلب الرئيس عون إقرار الموازنة العامة وقانون إعادة هيكلة المصارف وقانون ضبط التحاويل المصرفية بصورة استثنائية الذي من شأنه تأمين الحد الأدنى الممكن من حقوق المودعين لدى المصارف والمساواة والعدالة بينهم.
تعددت التفسيرات وفق القراءات المختلفة والمتباينة بين مؤيّدي قرار عون ومعارضيه، ولكن النتيجة واحـدة: تعطل إقرار القانون الوحيد واليتيم الذي صادق عليه البرلمان من ضمن رزمة الإجراءات المسبقة الأربعة التي التزم لبنان الرسمي، رئيساً وبرلمان وحكومة، أمام صندوق النقد الدولي بإقرارها.
هكذا، وبدلاً من أن تكون المهلة القليلة الباقية أمام المجلس قبل أن يتحول هيئة ناخبة، فرصة لإنجاز القوانين الثلاثة المطلوبة والمتصلة بقانون الموازنة العامة والكابيتال كونترول وهـيـكـلـة الـمـصـارف، غـلـق قـانـون السرية المصرفية بعدما كان مشروع الكابيتال كونترول قد تلقى ضربة قاضية في لجنة المال والموازنة قبل أيام.
في القراءة الأولى لقرار عون رد القانون، يبدو جلياً أن رئيس الجمهورية اللاهث وراء إنجاز يختم به عهده على مسافة أسابيع قليلة من انتهاء الولاية الرئاسية، سار عكس المتوقع. وبدلاً من أن يوقع القانون – كما فعل أساساً قبل أن يغير رأيه، ويضغط نحو إنجاز الموازنة، رضخ للرأي القائل بضرورة عدم التوقيع، على نحو يرضي صندوق النقد الذي كان قد أبدى ملاحظات على القانون. ولكن فـات أصحاب هذا الرأي التعمق بتعليق الصندوق، فوقعوا وأوقـعـوا الـرئـاسـة فـي خطأ تحمل مسؤولية تعطيل أحد مطالب المؤسسة الدولية.
فـي الـبـيـان الـصـادر عـن الـصـندوق، تقييم إيجابي واضح للقانون من خلال وصفه بأحد الإصلاحات المهمة لنظام السرية المصرفية فـي لـبـنـان، الـذي يـأخـذ الـبـلـد نـحـو مـواكـبـة المعايير الـعـالـمـيـة والـممارسة السليمة، مع التنويه بأن المهم في القانون إلغاؤه الحسابات الـمـرقـمـة وإتـاحـة حـق الـولـوج الى المعلومات المصرفية. لكن الصندوق أشار الى بقاء أوجه قصور في القانون، منها دعوته الى توسيع وجهة المؤسسات القادرة على الحصول على المعلومات، كالمصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف ومؤسسة ضمان الودائع، أو إشارته الى أن القانون حافظ على المسؤولية الجنائية القوية التي تصل عقوبتها الى السجن مع إمكان التجديد، معتبراً أن هذا الإجراء يمكن أن يكون له تأثير في الكشف على النشاط الإجـرامـي مـقـتـرحـاً إلـفـاء الـعـقـوبـة الـجـنـائـيـة بالسجن على قاعدة أن الغرامات المرتفعة كفيلة بتوفير الإنصاف المناسب والفعال. ولم يبد الصندوق ملاحظات على مسألة الـمـفـعـول الـرجـعـي فـي الـقـانـون. والأهـم أن الصندوق أبدي ملاحظاته في شكل غير ملزم للحكومة.
فهل كان قرار رئيس الجمهورية رد القانون إرضاء للصندوق أم لتعقيد الطريق أمام أي سلطة مقبلة في السير بمطالبه؟
Comments are closed.