تقرير المخاطر العالمية لعام ٢٠٢٣

يحرص الاتحاد المصري للتأمين دائماً على إطلاع سوق التأمين المصري على كافة المستجدات العالمية، ولهذا دأب الاتحاد منذ عام ٢٠١٨ على عرض ملخص لتقرير المخاطر العالمية والذي يصدر عقب المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي.. وذلك حتى يتسنى للسادة العاملين بصناعة التأمين وجميع المهتمين بها من معرفة أحدث التطورات التي طرأت على الأخطار القائمة وكذلك التعرف على الأخطار التي بدأت في الظهور وإدراك حجم ومدى الخطورة الخاصة بكل خطر. وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على سوق التأمين المصري بحيث قادراً على مواكباً المستجدات العالمية مما سيساعد القائمين على صناعة التأمين في وضع الاستراتيجيات والآليات التي تساهم في وضع صناعة التأمين المصرية في المكانة التي تستحقها في المشهد الاقتصادي العالمي.

بدأ تقرير المخاطر العالمية لعام ٢٠٢٣ بالإشارة إلى أن السنوات الأولى من هذا العقد قد جاءت مبشرة بوقوع فترة اضطراب في تاريخ البشرية. فحين بدأ العالم في التعافـي من أثار جائحة كوفيد١٩، ظهرت حالة عدم الاستقرار مرة أخرى بسبب اندلاع الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى سلسلة جديدة من الأزمات في الغذاء والطاقة وهو ما أثار مشاكل سعت العقود الماضية إلى حلها.

ومع بداية عام ٢٠٢٣، واجه العالم مجموعة من المخاطر التي يبدو بعضها جديداً بينما يبدو البعض الأخر مألوفاً نوعاً ما. فقد شهد العالم عودة المخاطر «القديمة» مثل التضخم وأزمات تكلفة المعيشة والحروب التجارية وتدفقات رأس المال الخارجة من الأسواق الناشئة والاضطرابات الاجتماعية المنتشرة والمواجهات الجغرافية السياسية وشبح الحرب النووية والتي لم يشهدها سوى القليل من قادة الأعمال وصانعي السياسة العامة من ذوي الخبرة من هذا الجيل. وقد طرأ على هذه المخاطر بعض التطورات الجديدة نسبياً في مشهد المخاطر العالمية، حيث ظهر عصر جديد من النمو المنخفض والاستثمار العالمي المنخفض وتراجع العولمة وتراجع التنمية البشرية بعد عقود من التقدم والضغط المتزايد لآثار التغيرات المناخية.

تكلفة المعيشة هي الخطر المهيمن على المخاطر العالمية في العامين المقبلين بينما يهيمن خطر الاخفاق العمل المناخي على العقد المقبل

سيتسم العقد القادم بأزمات بيئية ومجتمعية، مدفوعة بالاتجاهات الجغرافية السياسية والاقتصادية الكامنة. تم تصنيف «أزمة تكلفة المعيشة» على أنها أخطر المخاطر العالمية خلال العامين المقبلين، وأنها ستبلغ ذروتها على المدى القصير. ومن ناحية أخرى يتم النظر إلى «فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظام البيئي» على أنه أحد أسرع المخاطر العالمية تدهوراً على مدار العقد المقبل، وتندرج جميع المخاطر البيئية الستة في أعلى ١٠ مخاطر على مدى السنوات العشر القادمة. ظهرت تسعة مخاطر في أعلى ١٠ تصنيفات على المديين القصير والطويل، بما في ذلك «المواجهات الجغرافية  الاقتصادية» و«تآكل التماسك الاجتماعي والاستقطاب المجتمعي»، إلى جانب ظهور خطرين جديدين في قائمة أعلى فئات المخاطر، وهما «انتشار الجريمة الإلكترونية وضعف الأمن الالكتروني» و«التهجير القسري».

مع انتهاء حقبة اقتصادية، سيجلب العصر القادم المزيد من مخاطر الركود والتباعد والضغط، حيث أدت الآثار الاقتصادية لكوفيد١٩ والحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع حاد في التضخم وتطبيع سريع للسياسات النقدية، وبدأت حقبة زمنية من انخفاض النمو وانخفاض الاستثمار.

قد تواجه الحكومات والبنوك المركزية ضغوطًا تضخمية عنيدة على مدار العامين المقبلين، على الأقل بالنظر إلى احتمالية نشوب حرب طويلة الأمد في أوكرانيا، واستمرار الاختناقات من الوباء المستمر والحرب الاقتصادية التي تحفز فصل سلسلة الامداد. كما تلوح في الأفق مخاطر سلبية على التوقعات الاقتصادية، حيث من المحتمل أن يؤدى سوء التقدير بين السياسات النقدية والمالية إلى زيادة احتمالية حدوث صدمات في السيولة، مما يشير إلى استمرار الانكماش الاقتصادي وضغط الديون على نطاق عالمي. بالإضافة إلى ذلك فإن استمرار التضخم المدفوع بالعرض يمكن أن يؤدي إلى التضخم المصحوب بركود اقتصادي وعدد من العواقب الاجتماعية والاقتصادية. وكذلك يمكن أن يساهم التفتت الاقتصادي العالمي والتوترات الجغرافية السياسية في وجود ضغط للديون على نطاق واسع في السنوات العشر المقبلة.

التشتت الجغرافـي – السياسي قد يؤدي إلى حرب جغرافية اقتصادية ويزيد من خطر نشوب صراعات متعددة المجالات

أصبحت الحرب الاقتصادية هي القاعدة، مع تزايد الاشتباكات بين القوى العالمية وتدخل الدول في الأسواق على مدى العامين المقبلين. سيتم استخدام السياسات الاقتصادية بشكل دفاعي لبناء الاكتفاء الذاتي والسيادة من القوى المتنافسة. مع تفوق الجغرافيا السياسية على الاقتصاد، يصبح من المرجح حدوث ارتفاع طويل الأجل في الإنتاج غير الفعال وارتفاع الأسعار. كما أن النقاط الساخنة الجغرافية ذات الأهمية الحاسمة للتشغيل الفعال للنظام المالي والاقتصادي العالمي، ولا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادى، تشكل أيضاً مصدر قلق متزايد.

ويتوقع المشاركون في الاستقصاء الذى تم لأغراض هذا التقرير أن تظل المواجهات بين الدول ذات طبيعة اقتصادية إلى حد كبير خلال السنوات العشر القادمة، إلا أن الارتفاع في الإنفاق العسكري الذي يحدث مؤخراً وانتشار التقنيات الجديدة يمكن أن يؤدي إلى سباق تسلح عالمي في التقنيات الناشئة.

ويمكن تحديد مشهد المخاطر العالمية على المدى الطويل من خلال الصراعات متعددة المجالات والحرب غير المتكافئة، مع النشر المستهدف للأسلحة ذات التكنولوجيا الجديدة على نطاق يحتمل أن يكون أكثر تدميراً مما شهده العالم في العقود الأخيرة. ويجب أن تتكيف آليات الحد من التسلح بشكل أسرع مع هذا السياق الأمني الجديد.

ستؤدي التكنولوجيا إلى تفاقم عدم المساواة بينما ستظل مخاطر الأمن الالكتروني مصدر قلق دائم

سيكون قطاع التكنولوجيا من بين الأهداف المركزية للدول الصناعية الكبرى وستتدخل الدول لتعزيز هذا القطاع. وسيستمر الاستثمار الخاص والبحث والتطوير في التقنيات الناشئة بوتيرة متسارعة على مدار العقد المقبل، مما يؤدي إلى تطورات في الذكاء الاصطناعي والحاسبات الكمية والتكنولوجيا الحيوية، من بين تقنيات أخرى. وستساهم هذه التقنيات، بالنسبة للدول التي تستطيع تحمل تكاليفها، في توفير حلول جزئية لمجموعة من الأزمات الناشئة، مثل معالجة التهديدات الصحية الجديدة وأزمة قدرة استيعاب الرعاية الصحية والمساعدة في توسيع نطاق الأمن الغذائي والتخفيف من آثار المناخ. أما بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف تلك التقنيات، فسيؤدى ذلك إلى ظهور نوع من عدم المساواة والاختلاف. وبوجه عام في جميع الاقتصادات تساهم هذه التقنيات أيضاً في جلب عدد من المخاطر مثل اتساع نطاق المعلومات الخاطئة والمضللة مما يؤدى إلى وقوع نوع من الاضطراب الذى يؤثر بشكل سلبي على أداء الوظائف المكتبية.

وبوجه عام، من المتوقع أن يساهم التطور السريع ونشر التقنيات الجديدة في ظهور مجموعة من المخاطر الخاصة بتلك التقنيات، فبالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة الالكترونية، ستصبح محاولات تعطيل الموارد والخدمات الحيوية المدعومة بالتكنولوجيا أكثر شيوعاً، مع توقع الهجمات ضد الزراعة والمياه والأنظمة المالية والأمن العام والنقل والطاقة والبنية التحتية للاتصالات المحلية والقائمة على الفضاء. كذلك سيساهم التحليل المتطور لمجموعات البيانات الأكبر حجماً في إمكانية إساءة استخدام المعلومات الشخصية من خلال الآليات القانونية المشروعة، مما يضعف السيادة الرقمية الفردية والحق في الخصوصية، حتى في الأنظمة الديمقراطية المنظمة بشكل جيد.

وضع آليات العمل للتخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه في ظل معاناة الطبيعة

تعد المخاطر المناخية والبيئية هي المحور الأساسي لتصورات المخاطر العالمية على مدى العقد المقبل، وهي المخاطر التي يرى التقرير أن العالم أقل استعداداً لها. لقد تم وضع استراتيجية عمل عميقة ومنسقة بشأن الأهداف المناخية إلا أنه على أرض الواقع ظهر وجود اختلافات بين ما هو ضروري من الناحية العلمية لتحقيق صافـي صفر من مستوى الانبعاثات وما هو ممكن من الناحية السياسية والاقتصادية. وسيؤدي تزايد الطلب على موارد القطاعين العام والخاص من قبل الأزمات الأخرى إلى تقليل سرعة وحجم الجهود الخاصة بتخفيف آثار التغيرات المناخية على مدى العامين المقبلين، إلى جانب عدم كفاية التقدم نحو دعم التكيف المطلوب لتلك المجتمعات الدول التي تتأثر بشكل متزايد بآثار تغير المناخ.

ونظراً لأن الأزمات الحالية تحول الموارد عن المخاطر الناشئة على المدى المتوسط إلى المدى الطويل، فإن الأعباء على النظم البيئية الطبيعية ستزداد بالنظر إلى دورها الذي لا يزال مقيماً بأقل من قيمته الحقيقة في الاقتصاد العالمي وصحة الكوكب بشكل عام. إن فقدان الطبيعة وتغير المناخ مرتبطان ارتباطاً وثيقاً وهو ما يعنى أن الفشل في أحد المجالين سوف ينتقل إلى الآخر. بالإضافة إلى ذلك، فإن التفاعل بين تأثيرات تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والأمن الغذائي واستهلاك الموارد الطبيعية سيعجل بانهيار النظام البيئي، وتهديد الإمدادات الغذائية وسبل العيش في الاقتصادات المعرضة لتغيرات المناخ، كما أنه سيؤدي أيضاً إلى وتضخيم آثار الكوارث الطبيعية والحد من إحراز المزيد من التقدم في التخفيف من آثار تغير المناخ.

أزمات الغذاء والوقود قد تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف المجتمعية بينما يؤدي انخفاض الاستثمارات في التنمية البشرية إلى تآكل القدرة على الصمود في المستقبل

يتسع أثر الأزمات المتفاقمة عبر المجتمعات مما قد يضر بسبل العيش الخاصة بقطاع عريض من السكان وتزعزع استقرار عدد من الاقتصادات حول العالم. وبناءً على ترتيب المخاطر الأكثر خطورة والتي من المتوقع أن تؤثر على العالم في عام ٢٠٢٣، مثل «أزمة إمدادات الطاقة» «ارتفاع التضخم» و«أزمة إمدادات الغذاء»، بدأ الشعور بأزمة تكلفة المعيشة على مستوى العالم. ومن المتوقع أن تواجه العديد من الدول منخفضة الدخل عدد من الأزمات والتي منها على سبيل المثال، الديون وتغير المناخ والأمن الغذائي.

الرؤية المستقبلية

مع تزايد التقلبات في عدة مجالات بالتوازي، يتسارع خطر الأزمات المتعددة.. ومن ثم يصف التقرير أربعة عقود مستقبلية محتملة تتمحور حول نقص الغذاء والماء والمعادن وهو ما يمكن أن يؤدي إلى أزمة إنسانية وبيئية – من حروب المياه والمجاعات إلى الاستغلال المفرط للموارد البيئية والتباطؤ في التخفيف من المناخ والتكيف معه.

وفي الواقع، لا تزال هناك نافذة لتشكيل مستقبل أكثر أمناً من خلال التأهب لمواجهة المخاطر بطريقة أكثر فاعلية. وكذلك من خلال التصدي لتآكل الثقة في العمليات المتعددة الأطراف والذي من شأنه أن يعزز القدرة الجماعية على منع الأزمات الناشئة العابرة للحدود والاستجابة لها وأن يعزز حواجز الحماية التي تم وضعها للتصدي للمخاطر الراسخة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الاستفادة من الترابط بين المخاطر العالمية إلى توسيع نطاق تأثير أنشطة التخفيف من المخاطر – يمكن أن يكون لتعزيز القدرة على الصمود في مجال واحد تأثير مضاعف على التأهب العام للمخاطر الأخرى ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يتم التركيز على الاستثمار في القدرة على الصمود ومحاولة إيجاد الحلول التي تعالج مخاطر متعددة، مثل تمويل تدابير التكيف التي تأتي مع المنافع المشتركة للتخفيف من آثار تغير المناخ، أو الاستثمار في المجالات التي تعزز رأس المال البشري والتنمية.

يحرص الاتحاد من خلال النشرات التثقيفية التي يصدرها بإطلاع سوق التأمين على الاتجاهات العالمية الحديثة في كافة النواحي المتعلقة بصناعة التأمين والمخاطر المرتبطة بها وذلك حتى يتسنى للسادة العاملين بتلك الصناعة العريقة بحث تلك المخاطر ووضع الآليات الفنية اللازمة لمعالجتها بما يساهم في نجاح سوق التأمين في القيام بالدور المنوط به والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني. ولهذا دائماً ما يقوم الاتحاد بإفراد إحدى الجلسات أو أكثر خلال ملتقى شرم الشيخ السنوي لمناقشة أحدث المستجدات المتعلقة بالأخطار. وقد سبق وأن تم خلال الملتقيات السابقة إلقاء الضوء على عدد من الأخطار الناشئة والأخطار التكنولوجية والأخطار المرتبطة بالتغيرات المناخية. وخلال ملتقى شرم الشيخ الخامس الذي ينظمه الاتحاد هذا العام في الفترة من ١٧– ١٩ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٣ سيتم إلقاء الضوء على عدد من الموضوعات المتعلقة بالمخاطر والتي منها على سبيل المثال ما يلي:

. كيفية التخفيف من مخاطر التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية.

. تحديات واستراتيجيات تطوير نظام بيئي للتأمين التكنولوجي المستدام

. تحقيق الشمول التأميني على الرغم من ارتفاع تكلفة المعيشة من وجهة نظر شركات التأمين ومعيدي التأمين والوسيط

. السمات التي تساهم في نجاح شركة التأمين مستقبلاً.

 

 

 

 

 

 

 

Comments are closed.